الولد الذكي والشمعة
كان لأحد الرجال ولدان اثنان، ربّاهما خير تربية، وعني بهما، وذات يوم أراد امتحان ذكائهما، فأعطى كل واحد منهما بعض النقود، وطلب منه أن يشتري ما يملأ به غرفة من غرف الدار.
وذهب الأول إلى السوق، وبعد طول تأمل وتفكير، وتجوال في السوق، وسؤال عن الحاجات والأسعار، رأى التبن أرخص شيء، فاشترى بكل ما أعطاه والده من نقود أكواماً من التبن، وملأ بها إحدى غرف الدار.
وذهب الثاني إلى السوق، فاشترى شمعة واحدة، ولم يدفع فيها سوى بعض ما أعطاه والده من نقود، ووفّر قدراً غير قليل.
وفي المساء رجع الأب من عمله، فرأى الأول قد ملأ إحدى الغرف بالتبن، على حين ملأ الثاني غرفة أخرى بالنور.
تعليق:
تؤكد الحكاية تفاوت الناس في الذكاء، حتى بين أخوين نشأا في بيئة واحدة، وتلقيا تربية واحدة، مما يؤكد التفاوت والاختلاف، ويؤكد أن الذكاء موهبة، وإن كان للتربية دور في تنميته وتوجيهه.
وتدل الحكاية على الفارق بين من ينفق نقوده فيما هو رخيص في سعره وتافه في قيمته، التبن مثلاً، وهو رمز لكل ما هو مادي منحط، لأنه محض غذاء للحيوان، وبين من ينفق نقوده فيما هو نافع وله قيمته الكبرى، كالشمعة، وهي رمز للنور والتضحية والمعرفة، لأنها تحترق كي تضيء، فتملأ الدنيا نوراً وهداية، وهي رفيقة طلاب العلم.
ويظهر المال في الحكاية قوة محايدة، يمكن أن يوظف فيما هو تافه حقير، كما يمكن أن يوظف فيما هو نافع، وفرق بين هذا وذاك، والقيمة ليست للمال، وإنما للإنسان، وعليه أن يحسن التصرف.
والحكاية ذات هدف تربوي، فهي تسعى إلى حض الناشئة على الاهتمام بالأسمى، والترفع عما هو مادي زائل[/size]، [/size][/size]